الوظيفة والعمل الحر اختياران صعبان ومهمان في عالمنا اليوم، فالتفضيل بينهما يتطلب تقديرًا دقيقًا للمزايا والتحديات المرتبطة بكلّ خيار، وحتى تعرف هذه المزايا والتحديات وتكون قادرًا على المفاضلة بينهما، إليك هذا المقال الشامل الذي نقدّمه لك في Syrian Geeks.
مزايا العمل الحر
كثيرةٌ هي المزايا المنتشرة عن العمل المستقل، وقد يصح بعضها وأخرى منها لا تصح، لذلك إليك أهمّ الميّزات الحقيقية التي ستلمسها خلال عملك الحرّ.
حرية الوقت والمرونة في تحديد الجدول الزمني:
واحدةٌ من أهم مزايا العمل الحر هي قدرتك على تحديد جدول عملٍ يتناسب مع احتياجاتك الشخصية والاحترافية، يمكنك تخصيص أوقات العمل والراحة بمرونة، مما يتيح لك التوازن بين الحياة المهنية والشخصية.
إذ يمكنك التمتع بسيطرةٍ كاملةٍ على جدول أعمالك في حال أحسنت تنظيمه، فتستطيع تحديد أوقات الإنتاجية العالية وترتيب يومك بما يتناسب مع ذروة تركيزك، ويمكنك تخصيص فترات الاستراحة والترفيه لقضاء وقت مع أحبائك، بالإضافة إلى ذلك، يمكنك اختيار مكان العمل الذي يشعرك بالراحة والإنتاجية، سواءً كان ذلك في بيئةٍ منزليةٍ هادئةٍ أو مساحة عملٍ مشتركةٍ محفّزة.
القدرة على اختيار المشاريع والمجالات:
في العمل الحر، تتاح لك الفرصة لاختيار المشاريع والمجالات التي تشعر بأنّها تتناسب مع اهتماماتك ومهاراتك، فبدلًا من العمل في مجالٍ أنت مرغمٌ أو مجبرٌ عليه في حال الوظيفة، يمكنك توجيه طاقتك نحو ما يحمل لك الشغف والتحفيز وما يساعدك على تحقيق ذاتك.
زيادة الدخل مع تطور الخبرات:
عندما تستثمر في تطوير مهاراتك وبناء سمعتك المهنية، يمكن أن ترتفع قيمتك في سوق العمل الحر، وهذا يفتح أبوابًا لزيادة دخلك مع مرور الوقت، بمجرد أن تصبح خبيرًا في مجالك وتتوسع قاعدتك الشعبية في المجال الذي تعمل به.
تطوير المهارات الشخصية:
إدارة العمل الحر تعزّز من مهاراتك الشخصية، مثل التنظيم، واتخاذ القرارات، والتفكير الاستراتيجي، إذ ترسخ هذه المهارات خبراتك الشخصية وتزيد من نضجك المهني في التعامل مع عملائك.
تحديات العمل الحر:
يعيش العامل الحر تحدياتٍ عديدةٍ وقد تكون قاسيةً عليه أثناء رحلته في هذا المسار، فبعكس ما يروج عن الأفضلية للعمل الحر في بعض الجوانب، إلّا أنّ هذه الجوانب قد تكون غير مناسبةٍ للكثيرين، وإليك أبرز تحديات العمل المستقل:
ضعف الاستقرار المالي وعدم وجود التأمين الصحي:
في العمل الحر قد تتعرض كفردٍ لتقلباتٍ مالية، خاصةً في بداية مسارك عندما تعمل على تأسيس سمعتك المهنية والبحث عن العملاء المحتملين ومحاولة الحصول على عرض العمل الأول، بالإضافة إلى ذلك يجب عليك كعاملٍ حرٍ أن تتحمل تكاليف التأمين الصحي والضمان الاجتماعي بنفسك.
الضغط والمسؤوليات الشخصية الزائدة:
مع الحرية تأتي المسؤوليات الكبيرة، فالعامل الحر يجد نفسه مسؤولًا عن كلّ جانبٍ في عمله، من التسويق إلى الإنتاج وخدمة العملاء، مما قد يؤدي إلى ضغوطٍ نفسيةٍ وجسدية.
صعوبة بناء شبكة علاقات مهنية قوية:
قد يكون من الصعب على العامل الحر بناء شبكة علاقات مهنية متينة مقارنةً بمن يعملون في بيئاتٍ مؤسسية، على اعتبار أن بيئة العمل التقليدية في المؤسسات أكثر تفاعلية ومليئة بالحيوية والعلاقات والفرص، هذا يمكن أن يؤثر على فرص النمو والتعاون المستقبلية.
عدم الاستقرار في تدفق العقود:
قد يتعرض العامل الحر لتقلبات في تدفق العمل وعدم استقرار في الحصول على عقود مستمرة، هذا يمكن أن يؤثر على الدخل ويجعل العمل الحر أكثر تحديًا من الوظيفة الرسمية.
مزايا الوظيفة:
في القطب الثاني الموازي للعمل الحر يبرز مجال التوظيف التقليدي والمتعارف عليه والذي يشغل القسم الأكبر من عالم الأعمال في العالم، ويوجد للوظيفة مميزاتٌ عديدةٌ يمكن أن نذكرها، وإليك أهمها:
الاستقرار المالي والتأمين الصحي:
ميزةٌ بارزةٌ للوظيفة الرسمية هي الاستقرار المالي، حيث يحصل الموظّف على دخل شهري ثابتٍ بغض النظر عن وجود مهام أو عدم ذلك، إضافةً لإمكانية الحصول على المكافآت والحوافز التي يمكن أن تقدمها بعض المؤسسات، والتأمين الصحي الذي تقدمه معظم جهات العمل في العمل بناءً على قوانين العمل المعتمدة.
فرص الترقية والتطوير الوظيفي:
تقدّم الوظيفة الرسمية فرصًا للتطور المهني والترقية داخل الهيكل التنظيمي، إذ تتكون البيئات المؤسساتية عادةً من موظفين ذوي خبرةٍ في مجالاتهم، ويكون الموظف ضمن الهرم تابعًا لإدارة عليا توجهه وترشده وتنبهه، ويمكن أن يكون هو مسؤولًا عن توجيه موظفين آخرين؛ وهذا يسهم في تطوير مهاراتك واكتساب خبرات متعمقة في مجالك.
البيئة الاجتماعية والتعاون مع فريق العمل:
توفّر الوظيفة بيئةً اجتماعيةً تشجع على التفاعل والتعاون مع زملائك في العمل، وهو الأمر الذي يخلق علاقاتٍ مهنية، تعزّز من فرص اكتساب الخبرات في المجالات المختلفة للموظفين الآخرين الذين ترتبط معهم، ويمنحك فرصة تبادل المعارف معهم، والتعلم من تجاربهم.
تحديات الوظيفة:
مثلما أنّ للوظيفة ميزاتٍ متعددةٍ ذكرناها آنفًا، إلّا أنّ لها تحديات وفيها عقباتٌ لا بدّ من الالتفات لها والحديث عنها في معرض المقارنة، وإليك أبرز العقبات في الوظيفة:
القيود الزمنية في الوظيفة:
تفرض الوظيفة التقليدية قيودًا على جدول العمل وتوقيت الراحة، فأنت كموظفٍ سيتوجب عليك الالتزام بعدد ساعاتٍ محددة للعمل وقد تكون طويلةً في بعض الوظائف، وهو ما قد يعيق الاندماج العائلي مع أسرتك.
الدخل الثابت:
قد يكون هذا الأمر ميزةً أو عائقًا وذلك بحسب تقدير الشخص وإمكانياته، والمقصود به هو ثبات الدخل المالي الشهري عند نقطةٍ معينةٍ، وصعوبة زيادة الدخل مع الالتزام بالوظيفة نفسها دون الترقي في المناصب، والذي هو الآخر قد يكون صعبًا وغير مؤثّرٍ إلّا بنسبٍ بسيطة في كثير من الأحيان على قيمة الراتب الشهري.
عدم الرضا عن التخصص الوظيفي:
كثيرون هم الموظفون غير الراضون عن تخصصاتهم المهنية، إذ تشير إحصائيةٌ لموقع ZİPDO أنّ 53% من الأمريكيين غير راضون عن وظائفهم، وتزيد هذه النسبة في الدول الأخرى؛ ويضطر الناس للاستمرار في وظائف لا تتناسب مع اهتماماتهم أو تطلعاتهم المهنية، وهو ما يؤثّر على رضاهم الشخصي.
القيود على التأثير في اتخاذ القرارات:
يضطر الموظّف في بعض الحالات إلى اتخاذ قراراتٍ غير مقتنعٍ بها تمامًا بسبب ظروف عمله الوظيفي، وهو ما ينعكس نفسيًا على الشعور بإمكانية التحكم الكامل باتخاذ القرارات وخصوصًا المرتبطة بنطاق العمل منها.
أيهما أختار العمل الحر أم الوظيفة؟
في معرض شرحنا عن ميزات وتحديات كلٍّ من المسارين، إليك توجيهاتٍ مفيدةً تساعدك في اتخاذ قرارك بين التوظيف والعمل المستقل:
حدد أهدافك وما تسعى لتحقيقه في المستقبل.
قيِّم قدراتك ونقاط قوتك وضعفك بعناية.
اختر مجال العمل المناسب لك مع مراعاة اهتماماتك وتطلعاتك.
استفد من تجارب الآخرين واستشرهم قبل اتخاذ القرار النهائي.
وازن بين مزايا العمل الحر في تحقيق الحرية وتوجيه مسارك، أو مزايا الوظيفة الرسمية في تحقيق الاستقرار والتطور، وتذكر أنّ الاختيار يجب أن يتمّ بعنايةٍ واستنادًا إلى أهدافك وظروفك الشخصية.
كما يمكنك الاطلاع على أراء الكثير من الأشخاص بخصوص هذا الموضوع على منصة quora.
ختامًا:
لا يوجد إجابة نهائية على سؤال هل العمل الحر أفضل أم الوظيفة؛ فالإجابة تعتمد على أهدافك الشخصية وطموحك، إذ يجب أن تقوم بتقييم مزايا وتحديات كلٍّ منهما ومدى توافقها مع ما تسعى إليه، واستمر دائمًا في تطوير مهاراتك والسعي نحو تحقيق رضاك الشخصي والمهني، سواء في العمل الحر أو الوظيفة، ولا تتردد في تصفح المزيد من المقالات على موقعنا Syrian Geeks.