06
أبريل
2025

شهد العالم أجمع نقطة التحول التاريخية التي عاشتها سوريا بتاريخ 8 ديسمبر عام 2024 وما تلاها من تغييرات وتقلبات على مختلف الأصعدة، ومع هذا التحول العظيم تتوجه أنظار الشباب نحو مستقبل العمل الحر في سوريا مترقبين حصول تغييرات إيجابية توفر لهم بيئة جديدة آمنة تمكنهم من استغلال مهاراتهم وتطويرها وتحقيق طموحاتهم خصوصًا في ظل الصعوبات التي عانى منها المجال في الفترات الماضية.

وفي سطور هذا المقال سنستعرض أهم التغييرات المرتقبة في بيئة العمل الحر وما يتبعها من فرص واعدة للشباب.

تحديات العمل الحر في سوريا

قبل الحديث عن آفاق فرص العمل الحر المرتقبة في سوريا بعد التغييرات الجديدة لا بد من تسليط الضوء على أبرز الصعوبات التي يواجهها المجال وسلبياته وما هي المعيقات التي أنهكت الشباب السوري وجعلت من العمل المستقل ضرورة استثنائية مريرة.

أود التنويه على أن ما سيذكر مكتوب وفق تجربتي ومعاناتي الشخصية وطبعًا حالي كحال بقية الشباب الذين فكروا بتأمين عيشة كريمة لهم:

غياب الموارد والأدوات اللازمة

يحتاج العمل المستقل إلى ظروف عمل استثنائية لنجاحه تتمثل في توفر دائم للكهرباء وجودة مطلقة في شبكة الإنترنت وهذا ما نفتقده اليوم. فساعات التقنين الطويلة جعلتنا في صراع دائم مع الوقت مسابقين انقطاع التيار الكهربائي لنتمكن من إنهاء مهامنا وتسليمها في الوقت المحدد وهذا يقودنا إلى حالة من الإرهاق تحول بيننا وبين جودة عملنا الذي يحتاج إلى الهدوء والراحة والصفاء الذهني التام.

ومن جانب آخر لا يمكننا إغفال سوء خدمة الإنترنت في سوريا والتي تبدو شبه معدومة. بالنسبة لي هذا الأمر دفعني لاتخاذ قرار إنجاز العمل في أوقات متأخرة من الليل والسهر لفترت طويلة والسبب أن الخدمة قد تكون أفضل بقليل في الليل وطبعًا جميعنا يدرك ما السلبيات التي ترتبت عن هذا القرار على الصحة العامة.

قد يتساءل البعض ماذا عن المقاهي التي تقدم خدمات الإنترنت والكهرباء الدائمة؟! بالتأكيد الخيار متاح ولكن هذا يجعلنا نعيش محاولة فاشلة لنشعر أننا منتجون لأن ما نحصل عليه من عملنا ندفعه في محال الإنترنت وبالتالي دوامة لا نهاية لها فنحن ندفع المال لنعمل ونجني المال لندفعه مرة أخرى.

صعوبة تحويل الأموال إلى سوريا

هنا أيضًا نحن أمام عائق كبير فعملية تحويل الأموال إلى سوريا تعتبر صعبة جدًا لعدة أسباب منها أن أغلب الشباب يضطرون لاستلام أموالهم بطريقة غير مشروعة تعتمد على شركات الصرافة غير الشرعية أو تصريف العملات وفق أسعار السوق السوداء لأن شركات الصرافة السورية المرخصة محكومة بالتصريف وفقًا لأسعار المصرف المركزي السوري ما يسبب خسارة كبيرة في الأرباح وبالتالي العيش في قلق دائم من التعرض لأي مسائلة قانونية.

وفي حالات أخرى قد يضطر الشباب إلى إيهام الشركات بالتواجد خارج سوريا لتجنب خسارة وظائفهم أو تجنب رفضهم لأن بعض الشركات تتجنب التعامل مع سوريين خوفًا من المسائلة الدولية بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا.

ضعف الخبرة والمهارات العملية

ما تعاني منه سوريا هو التركيز فقط على كل ما هو تقليدي قديم كأنماط التدريس وغياب التدريب العملي والاهتمام فقط بالحصول على وظائف حكومية دون الالتفات لانتشار مجالات الأعمال الحديثة وفوائدها. والنتيجة هنا جيل يفتقد للمهارات اللازمة لدخول سوق العمل بقوة.

وعند التفكير بالدورات التدريبية نجد أن أغلبها لا يقدم المعلومات الكافية إنما فقط معلومات نظرية لا تساهم بشكل فعلي في حياة المتدرب العملية، ويبقى الحل الوحيد وهو التعلم الذاتي والبحث عن المصادر والتجربة المتكررة للنجاح وفعليًا هذا أمر ضروري ولكن قد يكون في سوريا صعب بسبب غياب الموارد اللازمة والتي تحدثنا عنها في الفقرة الأولى مما قد يسبب الإرهاق ويؤدي إلى الإحباط والتوقف عن المحاولة في بعض الأحيان.

ولكن يبقى الأمل بالمرحلة الجديدة التي شهدتها سوريا مؤخرًا، ما هي التغييرات المرتقبة وعلى ماذا الآمال المعلقة؟ فلنتابع.

مستقبل العمل الحر في سوريا

لا يمكن لهذه النقلة النوعية أن تمر مرور الكرام على مستقبل العمل المستقل في سوريا دون إحداث تغييرات فعلية فيه فمن المتوقع أن يتم:

تحسين البنية التحتية

لا بد أن يتم تحسين البنية التحتية لسوريا بأكملها وخصوصًا بما يتعلق بموضوع شبكة الكهرباء والاتصالات والإنترنت وطبعًا هذا التحسين سينعكس على الفريلانسرز بشكل واضح ويجعلهم يعملون بسهولة وفاعلية أكبر.

 

تعديل القوانين المالية

مثلًا تخفيف القيود المرتبطة بعمليات استلام الأموال وإصدار قوانين جديدة لصالح المواطنين بما يخص التحويل الخارجي أو الاستلام بغير العملة السورية ما يخفف الأعباء على العمال المستقلين.

 

 تعزيز التعاون الدولي

ستكون النتائج المترتبة عن هذا التعاون كبيرة وفعالة في حياة الفريلانسرز خصوصًا في حال تم رفع العقوبات المفروضة على سوريا، فمثلًا سيتمكن السوريون من إنشاء حسابات باي بال PayPal وغيرها من الحسابات المحظورة وبشكل مباشر دون الحاجة للاعتماد على حسابات مرتبطة ببلد آخر ما يساهم بتسهيل العمل وإمكانية شراء الأدوات التي يحتاجها كل مجال بسهولة.

أيضًا من المتوقع أن يزداد الطلب على العامل السوري من قبل الأسواق العالمية نظرًا لكفاءته وجودة عمله ومصداقيته على عكس الفترة السابقة التي كانت تتميز بالخوف من التعامل مع السوري بسبب ما ذكرنا سابقًا (الخوف من العقوبات الدولية).

 

توفير فرص تعليمية وتدريبية

نترقب أن تتوجه الأنظار إلى العمل الحر بشكل أكبر وتعمل الحكومة الجديدة على الاهتمام بمجالاته أكثر وإطلاق برامج تعليمية وتدريبية متخصصة وفعالة لتحسين مهارات الشباب وتأهليهم لسوق العمل ومتطلباته.

 

ختامًا نقول: مهما كثرت المعوقات والصعوبات يبقى الأمل موجود، وأملنا الآن أن يحمل المستقبل الجديد الفرص الذهبية للفريلانسر السوري ليحقق طموحه ويصل إلى هدفه ويساهم في بناء اقتصاد مزدهر مستدام لبلده. ولأن الفترة المقبلة هي فرصتك للتميز بإمكانك الانضمام إلى مجتمعنا في Syrian Geeks والتعرف أكثر على مجالات العمل الحر وتحصل على التدريبات التي تحتاجها.

اكتب ملاحظاتك

(اقتراحات - تعديلات - اضافة)

يرجى مشاركتنا ملاحظاتك واقتراحات حول الموقع:
تم استلام ملاحظتك
img