الحياة الاجتماعية للعامل المستقل هي جانبٌ مهمٌ ينعكس على الإنجاز، وتكمن المشكلة بالضبط في مسألة أنّ العمل الحر يتم عن بعد في الغالب، وفي بيئةٍ يكون فيها العامل الحر منعزلًا وبعيدًا عن الاحتكاك الفيزيائي مع المجتمع، وهذا ما سنحدثك عنه في مقالنا في Syrian Geeks هذا ونطرح لك الحلول التي تبعدك عن الوقوع في الأزمات النفسية والاجتماعية.
احتياجات لا بد منها:
تتابع الباحثون والعلماء والفلاسفة من القدم على إيجاد توصيفاتٍ للإنسان وتصنيف احتياجاته المختلفة، ومن أشهر هذه التفسيرات الهرم المشهور بهرم "ماسلو"، الذي وضع فيه الاحتياجات الاجتماعية للإنسان في المرحلة الثالثة، بعد حاجات الإنسان المادية والأمان، وهذا شيءٌ ثابت بالتجربة والمشاهدة، فلا يمكن لأحد أن يعيش في هذا العالم دون أن ينتمي لجماعةٍ أو فكرٍ أو حتى فريق كرة قدم.
أهمية الحياة الاجتماعية:
تخيّل أن تعيش على جزيرةٍ نائية، بمفردك، بلا صديقٍ أو أنيسٍ أو توقف لحظة فهذا المثال متكرّر وقديم، فتخيّل أن تعيش في مدينةٍ حديثة، وسط البلد حيث تكتظّ الحياة وتزدحم الطرق بالسيارات والمشاة من النّاس، يبدو الأمر طبيعيًّا بلا شك، ولكن ماذا لو أخبرتك أنّ كلّ سكان الناس هم من تجار زيت الزيتون مثلًا، كيف لهذه المدينة أن تزدهر؟ ليس لها إلا إن كان المجتمع فيها متنوّعًا.
تلك المدينة هي أنت:
بيدك أن تحيط نفسك بالعمل وحده وبأصحاب الحرفة التي تمتهنها ولا تلتقي إلا بمن يشابهك في الملبس والهوايات ولكنّك حينئذٍ ستبقى فارغًا من الداخل، ولك أن تبحث عن أنشطة وحياة اجتماعيّة تفتح لك بابًا من أبوابٍ كثيرة عليك أن تفتحها، لتصل إلى السعادة المنشودة أو فاستعد لبعض ما يلي من:
المشاكل النفسية:
تتعدد المشاكل التي يمكن أن تواجهها إذا بقيت داخل قوقعة العزلة في عملك الحر، ولم تمنح نفسك حقها، وإليك أبرز هذه المشاكل:
الوحدة:
صحيح أنّ الهروب من ضجيج العالم الصاخب واللجوء إلى كهفك، أعني منزلك الهادئ يبدو جميلًا وحلمًا ورديًا، والاكتفاء بصب اهتمامك بعملك المستقل والتركيز عليه لزيادة الإنتاج، لكن الأيّام لا تلبق إلا أن تظهر أثر الوحدة على صحتك وجسدك.
نعم، كلنا يحلم بساعةٍ يخلو بها مع نفسه لا يحدّث أحدًا ولا يسمع هراءات أحد ولكن الأمر إن جاوز الحد فإنّه ينقلب إلى ضده، وسترى هذا ضارًا بجودة خدماتك التي تقدمها.
الاكتئاب:
العمل في مكتبك الذي هو في الغالب غرفة نومك يضع حاجزًا بينك وبين الحياة ما لم تأخذ خطوةً إلى الخارج، إلى الحياة، فإنّ الوحدة والعزلة الاجتماعية من أهم أسباب الاكتئاب الذي قد يتفاقم وينهي حياة كثيرين كما فعل مع 700 ألف إنسان في العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية
القلق:
النفس بحاجةٍ إلى ما يشغلها، والبقاء في المنزل وحدك سيدفع بك إلى التفكير في كل صغيرةٍ وكبيرة، ويجعل منك آلة تفكير في أشياء حقها التجاهل لا غير.
ما الحل إذن؟
جمع المال وتأمين أساسيّات الحياة والعمل على تحسين مستواك وربما مستوى عائلتك الماديّ أمرٌ نبيلٌ تحمد عليه وتشكر ولكنك بحاجةٍ ماسّةٍ إلى الاستثمار بنفسك والحفاظ عليها حتى تقدم أفضل ما عندك، فلا بدّ للمحارب من استراحة وللطبيب من نزهة وللتاجر من جلسة سمر والكاتب من محادثة وسهر حتى يتمّ له ما يرغب ويصل إلى ما عزم.
لذلك بإمكانك أخذ هذه الاقتراحات بعين الاعتبار:
التحق بناد رياضي:
بعيدًا عن فوائدها البدنيّة والمظهر اللائق الذي تمنحه لك فتجعلك أكثر رضى عن نفسك، فإنّ للرياضة أثرًا لا يُنكر على صحتك النفسيّة خصوصًا التوتّر والقلق كما أنك ستُكَوِّن بعض العلاقات في النادي الرياضي مما يمنحك فرصًا اجتماعية أكبر.
وحاول أن تمارس الرياضيات الجماعية فهي ذات تأثيرٍ أفضلَ على الصحّة النفسيّة.
تطوع:
يمثّل التطوّع نقطةً فارقةً في حياة كل من دخله على الصعيد النفسيّ والشعور بالطمأنينة تجاه الواجب الأخلاقي والديني، كما أنّه واحد من أهم أواصر التكافل الاجتماعيّ ومظهر من مظاهر التآخي وقوة الأواصر الاجتماعيّة حيث يمدّ القويُّ يدَه للضعيف والغنيُّ للفقير بلا حاجة منه إليه.
وهو مع كلّ ذلك يمنحك فرصةً لحياةٍ اجتماعيةٍ أفضل.
ابحث عن هواية:
ممارسة الهوايات تعطي للإنسان مساحةً خاصّةً بعيدةً عن العمل وتمنح يومه لونًا آخر وطعما فريدا وتمكنه من الانفتاح على عوالم جديدة وأشخاصٍ لم يسبق له أن ينفتح عليهم ممن يشاركه نفس المهارات والاهتمامات.
دَوِّن مذكّراتك:
على الرغم من الصورة النمطية عن الكتّاب وحبّهم الوحدة إلّا أن الإنسان حين يكتب أو يحتاج أن يكتب لا بدّ له من ترك تأمل سقف غرفته والخروج لتأمل الفضاء الرحب ومخالطة الناس وسماع قصصهم وحكاياهم.
إذا بدأت بتدوين شيءٍ من ذكرياتك فسترى في الأسبوع الأوّل أن حياتك فارغةٌ إذا كنت لا تعمل في شيء إلا العمل، وستضطرّ حينها أن تبحث عن أنشطةٍ اجتماعيةٍ، على الأقل لتجد شيئًا تكتبه في تلك الأسطر الفارغة.
المؤتمرات والورشات التدريبية:
تمثلّ المؤتمرات الدوليّة والورشات التدريبيّة والمعارض مركزًا لتعرّف أصحاب المهن والتقائهم فلا تفوّت الفرصة واذهب لتوسيع دائرة معارفك والترويح عن نفسك والبقاء على اطلاعٍ على كيف يجري العالم من حولك.
اعمل خارج المنزل:
حاول أن تخرج بين الحين والآخر لتعمل خارج منزلك، سواءً في الحديقة إن كان الجو مناسبًا، أو في المقهى أو المكتبة إن كان عملك لا يتطلّب الحديث، أو قم بتنسيق جلسةٍ أسبوعيّة أو شهريةٍ مع أصدقائك ومعارفك من العاملين المستقلين لتلتقوا في مكان وتعملوا فيه.
ختامًا:
كانت هذه بعض المقترحات التي قد تناسب البعض وليس الجميع، فكل عامل مستقل هو مستقل برأيه ويعلم بما يصلح له وما لا يصلح، وحان دورك الآن لتفكر في طريقةٍ تناسبك للوصول إلى حياةٍ اجتماعيّةٍ أفضل حتى تحقّق التوازن المطلوب في حياتك، وبإمكانك أن تراسلنا لنساعدك في Syrian Geeks على أخذ الخطوات الصحيحة في عالم العمل المستقل.